الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020

صورة وبوستر وحكاية


من 16 سنة، في مارس 2004، رحت صوّرت عملية هدم بيت من دورين كان مُطل على الترام في حي مصطفى كامل في اسكندرية. صورت شوية صور، وبعدين طلع لي واحد من عمال الهدم ووقف في البلكونة وقفة التحدي دي. أنا طبعا اعتبرتها رسالة إنذار صامتة وما طولتش قوي! 

طبعا المبنى ما أخدش يومين في إيد العمال، ودلوقتي، الحمد لله، عمارة ضخمة. بعدها وأنا باتفرج على الصور على الكمبيوتر استفزتني وقفته في الصورة جدا، فقررت أحولها لبوستر يكون فيه استغاثة لإنقاذ اسكندرية من الهدم، فكان البوستر دا، واللي بعد كدا استخدمْته في 2011 هنا في جزء من مدونة "جدران مدينة متعَبة"، وبعدها كمان أصبح واحد من البوسترات اللي استخدمتها مبادرة "أنقذوا الإسكندرية" أو Save Alex فترة.


النهاردة لقيت الصورة الأصلية بالصدفة، فحبيت أحكي حكايتها. 

عايز بس أأكد إن عمال الهدم هم في الحقيقة آخر حد يُلام على مأساة المباني التاريخية في اسكندرية. إستخدام صورة واحد منهم هنا كان مجرد رمز لعمليات الهدم. لكن هم في النهاية أداه مش حد متخذ قرار. هم ناس بيجروا ورا لقمة عيشهم، ومهنتهم من أصعب المهن. اللوم على اللي كان ممكن يوقف كل دا وسابه يحصل.

الثلاثاء، 22 سبتمبر 2020

عن إزالة صفة النفع العام عن «الحديقة الدولية»

حديقة الأزهر: صورة جوية بعدسة المعماري كريم إبراهيم

الصورة الأولى: «حديقة الأزهر»، 80 فدان كانت تستخدم كمقلب للمخلفات والنفايات بطول تاريخ القاهرة، وتحولت إلى 80 فدان من الحدائق المفتوحة، مشروع أُعلن عنه عام 1984 برعاية وتمويل مؤسسة «أغاخان» للثقافة، ووضع مخططه الأساسي المعماري المصري «ماهر إستينو» (متعه الله بالصحة) مع معماريين آخرين، وافتتحت للجمهور عام 2005. 

الحديقة الدولية كما جائت في تفاصيل قرار رفع صفة النفع العام عنها، الجريدة الرسمية، العدد 37 مكرر -ج

الصورة الثانية: «الحديقة الدولية» بالإسكندرية، منطقة حدائق عامة أيضا أقيمت على مساحة من الأرض والمستنقعات وكانت أيضا تستخدم للمخلفات. الحديقة اقترحت لأول مرة في "التخطيط الشامل" الأول لمدينة الإسكندرية (1984 أيضا) وتم تنفيذ المرحلة الأولى منها في الثمانينيات. لم يكتمل مشروع إنشائها بشكل كامل أبدا، لأسباب غير معلنة. حتى بوابتها الضخمة ظلت لسنوات عبارة عن هيكل معدني غير مكتمل البناء. ثم قامت المحافظة في عهد المحافظ عبد السلام المحجوب باستقطاع مساحات ضخمة من أرض الحديقة العامة بغير وجه حق وتأجيرها لمجموعة من النوادي الخاصة والمساحات التجارية ثم صالات الأفراح، وتدهورت حالة الجزء المنفّذ من الحدائق. 

ثم صدر قرار رئاسي "بإزالة صفة النفع العام" عنها بتاريخ 13 سبتمبر 2020 وتخصيصها للقوات المسلحة لتقيم عليها مشروع سكني تجاري بتصميم بالغ السوء والابتذال يحمل إسم "جنات" بدون ميزانية معلنة، وبدون أي نوع من المشاركة المجتمعية، وبدون أي دراسات للجدوى. 

الحديقتان وضعت مخططاتهما في الثمانينيات، عندما كانت كثافات السكان في القاهرة والإسكندرية أقل بمراحل مما هي عليه الآن. وهو ما يستدعي زيادة المسطحات الخضراء والحدائق العامة، وليس العكس!

ألا يستحق سكان هذه المدينة المكتظة ذات الكثافات السكانية المخيفة أن تظل هذه المساحة حديقة عامة لهم؟ يستخدمها الغني والفقير؟ ويصل إليها الكبير والصغير بمواصلات عامة مثلهم مثل سكان أي مدينة كبرى في دول أفقر منا؟

كتير عليهم؟